رأي في قضايا تأريخية(1) قضية الإمامة بفلم طالب السنجري
* Tags:
* ARABIC
* IMAM
ولا يحسب على أي مذهب من مذاهب المسلمين من يزرع الأشواك على طريقها ، ويخرّف حركتها ، ويجهّل أبنائها.
رأي في قضايا تأريخية
(1)
قضية الإمامة
مقولة تتردّد ولا يناقش فيها أحد بل ولا يتسنّى لأحد ردّها وإذا ناقشها أو ردّها فقد فتح عليه أبواب جهنّم أقلّها التفسيق والتهميش والإقصاء ويجوز أن يفترى عليه لأنّه كما يتصورون ضدّ الإمام عليّ وضدّ الولاية!! .
هذه المقولة هي خلافة أو إمامة عليّ بن أبي طالب عليه السلام التي مضى عليها ما يقرب من خمسة عشر قرنا من الزمن.
ولا تعدواهذه القضية أن تكون قضية فقهية أو عقائدية ، فإن كانت فقهية فلا يصحّ أن نلزم بها أحدا فإمّا أن يجتهد الواحد منّا بها أو يقلّد أحدا من أهل العلم ، فحالها حال أيّة مسألة من مسائل الأحكام الفقهية.
وإن كانت عقائدية فيدركها المسلم بعقله دون الرجوع الى غيره ، إذ لا يصحّ التقليد بقضايا العقائد.
وقد يرتأي أحد أنّها مسألة تأريخية طواها الزمن كما طوى شخوصها ، وبقيت في التراث الإسلامي موضوع دراسة ، نتفاعل مع كلّ موقف إيجابي لإشخاصها ونتوقّف عند الموقف السلبي ، ونحسّن الظنّ .
فلم يكن عليا ولا عمرا بيننا حتّى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، إنّما هما في غيابت التأريخ ، وليس بين أيدينا سوى قصص وروايات ، في الأعمّ الأغلب منها أنّها متشنجة ومتأزّمة.
ومن يحرص على الإسلام من موقع أنّه دين الله ، وأنّه منهج المسلم في الحياة ، أن يأخذ من عليّ ومن عمر تجربتهما في مواصلة الطريق على خطى محمّد بن عبد الله (ص)، والرجوع اليهما رجوع الى الإسلام من دون أدنى شكّ في ذلك.
ولا أعتقد أنّ الجهد الذي بذله جمع من أبناء الأمّة وعلمائها في أحقية الخلافة ، أو فيما يدور في فلك الإمامة من موضوعات يدعم الإسلام اليوم فهو يحتاج منّا جهدا إستثنائيا على أنّه البديل الحضاري المزاحم لأنظمة الأرض التي لحقها الفشل لإفتقادها المنهج الأخلاقي والروحي.
فمن الفشل الذريع أن نتلهى ونتخاصم ونتأزّم على قضية عفاها الزمن وأصبحت فكرا من الماضي.
علما أنّ صاحب القضية وهو الإمام عليّ عليه السلام لم يعبأ بها ولم يلتفت الى ماجرى ، لأنّ همّه أكبر من الإمامة ، وإهتمامه أوسع من يصبح رئيسا أم مرؤوسا .
وأقدّر أنّ من يشعل النيران ويزرع التفرقة فيما المسلمين ليس حريصا على الإسلام الذي جاهد من أجله عليّ وأستشهد على طريقه.
ومن الحرص بمكان على أمّة محمّد (ص) أن لا نشغلها بمسائل تشقّ صفوفها وتمزّق وحدتها.
ولا يمنع من الإعتقاد القلبي بالإمامة أو بغيرها ولكن من دون إثارة الغبار ، أوفتح ملفّات تأريخية من شأنها تدمّر وحدة المسلمين.
وأعود الى القول بأنّ هذه القضية كغيرها من قضايا التأريخ والفكرتحتاج الى دراسة وتجرّد وموضوعية وحرص .
وهي واحدة من قضايا الإسلام الكثيرة ، ولا يصح بعد أن دانت الأمّة بالولاء لكتاب ربّها والإهتداء بهدي نبيّها أن نجعل منها ومن غيرها الفيصل بين الإيمان وعدمه.
وأستغرب للمهتمين وإن كنت أحدهم في زمن مضى وبلا رجعة أن يشغلوا أنفسهم بما ورد من أخبار وروايات لا يقف معظمها أمام النقد والتمحيص والتدقيق ( ومهما كان الحال فالحديث عن فدك وميراث الزهراء من أبيها ومواقفها من ذلك ومن الخلافة طويل وكثير وبلا شكّ فإنّ الأصاب والأعداء قد وضعوا القسم الأكبر ممّا بين أيدي الرواة ولا يثبت بعد التمحيص والتدقيق من تلك المرويات إلاّ القليل القليل)(1).
وأنا أنسب الذين يدورون في هذه الأفلاك الضيقة سواء كانت الإمامة أم عدالة الصحابة أم غيرهما ممّن تجاوزهما المسلم في صراع الإسلام الحضاري مع خصومه ، الى الجهل بحقيقة هذا الصراع ، أو الى اللّعب على ( الغلابة) الذين لا يعقلون ، أو الى ضرب الإسلام بهذه السكاكين .
فمن غير المعقول أن تحتشد قوى وتسخّر طاقات ويبذل مال بسخاء لطبع كتاب ، أو إنشاء منبر، أو خلق جيل همّه التطأف.
والأغرب من ذلك أن يصدر فقيها كبيرا ومرجعا كبيرا حكما بإسلام الأولين الغاصبين( ويقصد أبا بكر وعمرا) لحقّ أمير المؤمنين عليه السلام إسلاما ظاهريا لعدم نصبهم – ظاهرا – عداوة لأهل البيت وإنّما نازعوهم في تحصيل المقام والرياسة العامّة(2).
ويثور تلميذ هذا المرجع الكبير وهو من فقهاء الطائفة!! فيقول ( فإنّا نسأل من سيدنا أي عداوة أعظم من الهجوم على دار الصدّيقة وإحراق بابها ، وضرب الطاهرة الزكية وإسقاط ما في بطنها ، وهتك حرمة مواى الثقلين ، وأخذه كالأسير المأخوذ من الترك أو الديلم ، وسوقه الى المسجد لأخذ البيعة منه جبرا وتهديده بالقتل وإنكار كونه أخا رسول الله (ص).
والذي يدلّ على نصبهم وعداوتهم وإنحرافهم أنّ الصدّيقة المعصومة لم تردّ جواب سلام الرجلين وأعرضت وجهها عنهما وقالت للأوّل والله لأدعونّ عليك مادامت حياتي.
ولقد أجاد المحقّق الأصفهاني في منظومته حيث قال:
لكنّ كسر الضلع لبس بمنجبر إلاّ بصمصام عزيز مقتدر(3).
ومن مثل هذا المال حمّل إجمال!! ، ومثل هذا الفقيه وغيره من يفتي ويقود السفين ، وإذا كان ربّ البيت بالدفّ مولعا فشيمة أهل البيت كلّهم الرقص.
ساعد الله من سمع مقالة هذا الفقيه فقلده ، ومهما يكن فلنا في عليّ بن أبي طالب وبآل عليّ ، وبمن جعل القرآن الكريم أمامه فأصبح همّه، وإهتدى بهدي نبيّه المصطفى وهو قدوته، وبفكر علماء الأمّة الحريصين على وحدتها ، خير أمل.
ولا يحسب على أي مذهب من مذاهب المسلمين من يزرع الأشواك على طريقها ، ويخرّف حركتها ، ويجهّل أبنائها.
طالب السنجري
talibsanjari@yahoo.comirshadonline.org
fathkker.com
1- هاشم معروف الحسني: سيرة الأئمة الإثنا عشر141
2- فقه الشيعة للإمام الخوئي: 3126 محمد تقي القمّي
3- مباني تكملة منهاج الصالحين : 3250
last edited on April 8th, 2009 at 5:07 PM